
لماذا يجادلني ابني طوال الوقت؟
في هذه الرسالة التربوية نتناول سلوكًا يرهق الكثير من الآباء والأمهات، وهو الجدال المستمر.
قد تشتكي الأم قائلة: ” ابني لا يرضى بكلمة من دون نقاش”، ويقول الأب: “إذا قلت يمين، قال شمال! “
ورغم أن الأمر يبدو وكأنه عناد متعمّد أو تحدٍّ مباشر، إلا أن الجدال غالبًا له جذور ودوافع نفسية وتربوية، وفهمها هو الخطوة الأولى للتعامل معه بوعي.
لماذا يجادل الطفل باستمرار؟
- إثبات الذات
الجدال وسيلة طبيعية يستخدمها الطفل أو المراهق ليؤكد استقلاليته ويثبت أن له رأيًا خاصًا.
- الفضول وحب الفهم
ليس كل جدال رفضًا، فقد يكون مجرد محاولة صادقة لفهم الأسباب: “لماذا؟ وكيف؟”.
- اختبار الحدود
عندما تكون القوانين داخل البيت غير واضحة أو متذبذبة، يلجأ الطفل إلى الجدال ليتأكد إلى أي مدى يمكنه المضيّ.
- القدوة
الأبناء يتعلمون بالمشاهدة. فإذا كان البيت مليئًا بالجدال بين الكبار، فمن الطبيعي أن يتبنى الطفل نفس الأسلوب.
- الحاجة إلى الانتباه
أحيانًا يكتشف الطفل أن الجدال وسيلة فعّالة لجذب انتباه والديه، فيستمر في استخدامه.
كيف نتعامل مع الجدال المستمر؟
✅ التمييز بين الفضول والعناد
إذا كان السؤال بدافع الفهم، فأجيبي بهدوء. أما إذا كان مجرد عناد، فاختصري الموقف بجملة واضحة.
✅ وضع قواعد ثابتة
استخدام عبارات مثل: “هذا قرار نهائي” ضروري في بعض المواقف، لكن ينبغي أن تُقال بهدوء وثبات بعيدًا عن العصبية.
✅ الاختصار في الشرح
الإكثار من التبرير يفتح مجالًا لمزيد من الجدل، لذا يكفي توضيح مختصر وحازم.
✅ اختيار المعارك
ليس كل تفصيلة تستحق جدالًا، أحيانًا يكون التغاضي أفضل.
✅ القدوة العملية
تقليل الجدال بين الوالدين أمام الأبناء يرسّخ نموذجًا صحيًّا لهم.
✅ تعزيز الحوار الإيجابي
عندما يناقش الطفل باحترام أو يطرح سؤالًا منطقيًّا، امدحيه ليعرف الفرق بين الحوار البنّاء والجدال العقيم.
رسالة أخيرة
الجدال المستمر ليس بالضرورة علامة سوء تربية، بل قد يكون مؤشرًا على نمو شخصية الطفل وسعيه لإثبات ذاته.
دورك كأم وأب أن تحوّلوا الجدال إلى فرصة للحوار، وأن تضعوا له إطارًا واضحًا قائمًا على الاحترام والهدوء. ومع الصبر والثبات، سيتعلم ابنكم متى يناقش، ومتى يصغي، ومتى يلتزم.
كتبتها خديجة مطر
أخصائي تربوي وإرشاد أسري ومدربة التربية الإيجابية المعتمدة للوالدين من الجمعية الأمريكية للتربية الإيجابية .